القائمة الرئيسية

الصفحات

قصة بائع المناديل - الجزء الأول


قصة بائع المنديل الجزء الاول 


قصة بائع المناديل - البارت الاول 

أخذ الطفل الصغير في يده شنطة مدرسته ثم ودع أمه وألقى عليها نظرة وخرج وهو يلوح بيده لها ويقول:

لن أتأخر اليوم كثيرًا يا أمي.

فرفعت الأم يدها له تشير إليها إشارة سلام، وهي تنظر إلى ملابسه القديمة جدًا والتي تخرقت من عدة أماكن من الأمام والخلف، هذه الملابس يرتديها منذ أكثر من ثلاث سنوات يذهب بها إلى المدرسة في الثلاث سنوات الفائتة بعد أن توفى أبوه وتركه هو وأمه يقاسون الهوان والفقر ونظرة الناس التي لا ترحم ولا تترك لهم فرصة للراحة.

ونظرت إلى قدمه الصغيرة والتي تستقر في حذاء قد خرق من الأمام والخلف أيضًا لأنه يرتديه طيلة اليوم في المدرسة، ويظل يذهب به هنا وهناك في محطات القطار، وأمام إشارات المرور، وفي مواقف السيارات؛ لأنه يبحث عن الأشخاص الذين يريدون أن يشتروا منه المناديل التي يبيعها، والتي أصبحت هي مصدر دخلهم الوحيد بعد أن توفى أبوه ولم يترك لهم مالاً ولا شيئًا.

فيقوم هذا الطفل الصغير الذي ما زال في الصف الخامس الإبتدائي بالذهب كل يوم صباحًا إلى المدرسة حاملا شنطته الصغيرة، ويذهب إلى المدرسة التي دائمًا ما تنصحه أمه أن لا يتركها مهما جرى، وأن يجتهد ليكون أفضل تلميذ في فصله، تتمنى أن يحصل أبنها على شهادة علمية ليلتحق بوظيفة مرموقة لعله أن يعوضها بعض التعب والحرمان الذي تتعرض له من بعد فقد زوجها.
وبعد أن ينتهي اليوم الدراسي والذي يكون فيه الولد في غاية الإنتباه والتركيز ليفهم كل ما يقال من المدرسين لأنه يريد أن يحقق أمنية أمه بأن يكون أفضل تلميذ في فصله، وحتى يحصل الشهادة المرموقة التي ستؤهله للوظيفة المرموقة، وفي الوقت نفسه يزداد تركيز الولد لأن المدرسة هي مصدر التعليم الوحيد لديه، فليس لديه قدرة مالية على أخذ درس خصوصي، وليس لديه والد يتابع دروسه، وأمه أمرأة أمية بسيطة لا تعرف القراءة ولا الكتابة، هي فقط تعرف أن التعليم باب للنجاح لذا توصي دائمًا ابنها أن يتمسك بالتعليم.

يخرج الولد من المدرسة منهكًا متعبًا، ولا يعود إلى بيته مثل باقي زملائه ليستريح أو لتغذى أو لينام، بل يخرج من المدرسة ويقصد اشارات المرور، ومواقف السيارات، ويخرج من شنطته الصغيرة المخرقة كيس أبيض مليئ بعلب المناديل ويرتدي شنطته على كتفه، ويخرج من الكيسة البيضاء الموجود داخلها علب المناديل، أحد العلب ويسير بهدوء يدل على إرهاق وتعب، ولكن في وجهه إبتسامة تدل على رضا كاملا عما هو فيه ويرفع صوته ويقول: كيس المناديل بواحد جنيه، كيس المناديل بواحد جنيه.

ويسير يمنًا وشمالاً، وتأخذه قدمه هنا وهناك ينظر في وجه الناس عن ما يشتري منه أحد أكياس المناديل والتي له في ربح لا يصل إلى ربع جنيه.

وما إن يرى أحد الأشخاص الذين يظهر عليهم علامات الغنى والنظافة حتى يذهب إليه سريعًا وهو يقول له:

مناديل يا أستاذ، علب المناديل بواحد جنيه.

من الناس مَن يشتري منه رغبة في استخدام المناديل ومنهم مَن يشتري ليكمل "البرستيج" الذي لا يكتمل إلا بوجد علبة المناديل، ومِن الناس مَن لا لهذا ولا لذاك وإنما رأفة به، ورحمة لحاله.

في جميع الأحوال يكون الطفل الصغير ممتنًا جدًا لكل الناس لمن يشتري ولمن لا يشتري، فمن يشتري منهم يقول له الطفل الصغير: أي خدمة يا أستاذ.

والذي لا يشتري منه لا يتبعه إلا بنظرة سريعة، حتى يبحث عن غيره.

وهو في هذه الحالة كانت تراقبه أحد السيدات التي تظهر عليها علامات الغنى ..


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات